مستقبل علاج السرطان و إبتكار طبيب واحد .

مستقبل علاج السرطان و إبتكار طبيب واحد .

“ترجمة ليبانون ديبايت”

أدّى مؤخرًا ظهور العلاج المناعي إلى تغيير مشهد علاج السرطان إلى حدّ كبير. فالأمراض التي كانت مقاومة للعلاج القياسي، مثل سرطان الجلد المُتقدّم، إستسلمت بدورها للعلاج الفعّال. اليوم، ولأوّل مرّة، نتجرأ عن الحديث عن علاج لسرطان الرئة المُتقدّم، وهو أكثر أنواع السرطانات شيوعًا في العالم، وذلك بفضل العلاج المُبتكر للدكتور فيليب سالم، من مركز سالم للأورام.

يوجد حاليًا ثلاث طرق رئيسيّة للعلاج الشامل للسرطان: العلاج المناعي، العلاج الكيميائي، والعلاج المُوَّجه. في الوقت الذي يستهدف العلاج الكيميائي كُلاً من الخلية الطبيعيّة والخلية السرطانيّة، يهاجم العلاج المُوّجه الخلايا السرطانيّة فقط ولا يُضرّ بالخلايا الطبيعيّة. لهذا السبب تختلف الآثار الجانبية لهذا العلاج الأخير عن تلك التي تنتج عن العلاج الكيميائي كما أنّها أخف من حيث الألم. وعلى عكس كليهما، لا يستهدف العلاج المناعي الخلية السرطانيّة مباشرةً، بل يصل إلى جهاز المناعة في جسم المريض ويعزز هذا النظام بشكل يجعله قادرًا على التعرّف على الخلية السرطانيّة على أنّها مُعتدٍ غريب ويدمرها.

هناك بيانات كثيرة في الكتب والمطبوعات تُظهر الجَمع بين العلاج المناعي والعلاج الكيميائي، وبيانات أخرى تتحدث عن المزج بين العلاج المناعي والعلاج المُوّجه؛ ولكن لا توجد أيّ بيانات تتحدّث عن المزج بين الأساليب الرئيسية الثلاثة مُجتمعة ً في عملية علاج السرطان. وصرّح الدكتور سالم، الذي يعالج مرضى السرطان منذ أكثر من 50 عامًا، والذي أصبح مشهورًا عالميًا بفضل اكتشافاته ومساهماتها في المجال الطبي: “لهذا السبب، بدأنا في مركز سالم للأورام في استكشاف فعاليّة هذا المزج بين العلاجات الثلاث منذ خمس سنوات. وقد أظهر عملنا أنّ هذا الدمج ليس فقط فعّالاً جدًا ويُنتج معدل إستجابة مرتفعًا جدًا، بل أظهر أيضًا حدّاً أدنى من التأثيرات الضارة”.

بفضل دمج هذه العلاجات، لوحظ في مركز سالم للأورام معدل إستجابة لدى المرضى الذين يعانون من سرطانٍ مُصنّف على أنّه متقدّم ومُستعصي لم يتم رؤيتها سابقًا. فكلّ المرضى الذين عالجهم الدكتور سالم سبق أن اعتُبروا من قبل معظم مراكز السرطان أنهم في مرحلة مُستعصية لا أمل من شفائهم، كما اعتُبِر معظهم غير مؤهلين للحصول على علاج إضافي. فضمن هذه الفئة من المرضى، يكون الحدّ الأقصى لمعدل الاستجابة الكليّ (الاستجابة الكاملة والجزئيّة) بحسب الكتب والمطبوعات أقل من 15%. ولكن يقول الدكتور سالم: “بفضل دمج العلاجات الذي قُمنا به، حققنا معدل إستجابة إجمالي بلغ 94%. وبرأيي، هذا أمر مدهش”. وقد نُشر علاج مركز سالم للأورام في مجلة علميّة موثقة، “تريندز إن كانسر ريسورتش” (وترجمتها في اللغة العربية: “الاتجاهات في أبحاث السرطان”)، ضمن إصدار 29 كانون الأول 2020. وقبل هذا المنشور، نُشر عمله بشكل مُلخص في مجلة علم الأورام السريري ضمن سياق الاجتماعات السنويّة للجمعيّة الأمريكية لعلم الأورام السريري، التي حصلت خلال حزيران 2019 وحزيران 2020.

لقد قدّم عمل الدكتور سالم مقاربة ً جديدة ً وفريدة ً من نوعها في مجال علاج السرطان. كانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مزيج من العلاج المناعي والعلاج الكيميائي والعلاج المُوّجه لمعالجة داء السرطان المُتقدّم والمُستعصي. بالإضافة إلى ذلك، إعتُبر هذا العلاج شخصيًا للغاية. فعادة ً يتلّقى المرضى الذين يعانون من نفس النوع من السرطان البروتوكول العلاجيّ عينه؛ ولكن في منهجنا، يعتبر العلاج مُخَصصًا لكلّ مريض؛ وبالتالي، يتلّقى هذا الأخير علاجًا مُختلفًا عن مريضٍ آخر.

“على الرغم من أنّ كلّ مريض يتلّقى مزيجًا من العلاج المناعي والعلاج الكيميائي والعلاج المُوّجه، ولكن لا يتلقى مريضَين العلاج نفسه”، يشرح الدكتور سالم. فقد صُمم العلاج الكيميائي على أساس التشخيص المرضي للنسيج والعلاج المُسبق، بينما صُمم كلّ من العلاج المناعي والعلاج المُوّجه على أساس المظهر البيولوجي والجيني للورم. في حالة كلّ مريض، يتّم إرسال أنسجة الورم لتقييم شامل للعلامات البيولوجيّة والتغييرات المستهدفة.

من السمات المميزة لنهج مركز سالم للأورام، الذي أُطلق عليه إسم “أيه سي تريبلكس”، أنّ فعاليته لم تقتصر فقط على مرض واحد. فقد ثبُتَ أّنّ هذا العلاج فعّال على مجموعة متنوّعة من أمراض السرطان، مثل سرطان الرئة، البنكرياس، الجهاز الهضمي، الأورام اللمفاوية والكبد. ومن ضمن المرضى الذين عالجهم الدكتور سالم، لم يواجه أيّ منهم تطوّر للمرض بعد الدورة الأولى من العلاج.

والنتيجة الأخرى هي أنّ هذا العلاج يبدو أنه يعبر حاجز الدم في الدماغ ويؤثر بشكل كبير على السرطان المستشري في الدماغ. ثلاثة مرضى يعانون من سرطان الرئة قد أصيبوا بمرض شديد في الدماغ، وحققوا إستجابة ً كاملة في الدماغ دون الحاجة إلى العلاج الإشعاعي. وهذه ميزة أخرى لهذا النهج لأنّ عددًا من الأدوية في بروتوكولات العلاج القياسيّة لا تعبُر حاجز الدم في الدماغ ولا تُحقق إستجابةً كبيرة في الدماغ.

بدون أدنى شكّ، لقد قدّمت أبحاث وجهود الدكتور سالم خيارًا جديدًا للمرضى الذين لا يملكون خيارات أخرى. في الواقع، ثلاثة من أربعة مرضى إعتُبروا في مراكز السرطان الرائدة الأخرى في مرحلة مُستعصية، قد حققوا إستجابة كاملة. لذلك، قد يرغب أطباء الأورام، الذين يشعرون أنّ مرضاهم لا يملكون خيارات معروفة، بأن يجربوا نهج “أيه سي تريبلكس”. فبفضل معدل الاستجابة الرائع جدًا، فعاليته الواسعة ودرجة السموم المنخفضة، يظنّ الدكتور سالم أنّ هذا النهج يُمثّل نموذجًا لما يجب أن يكون عليه علاج السرطان في الم

Share